احصائيات المدونة

free counters

jeudi 8 décembre 2011


mercredi 7 décembre 2011

تلخيص لبحث الاجازة: المجتمع القروي والتغير الاجتماعي المرتبط بالتخطيط التنموي


   تلخيص لبحث الاجازة:  المجتمع القروي والتغير الاجتماعي المرتبط بالتخطيط التنموي.

تحث اشراف: الاستاذ عبد الرحيم عنبي

  يأتي بحثنا لمحاولة التعرف على الانعكاسات الناجمة عن البرامج التنموية في الصورة المجالية والاجتماعية لدوار أسكا، ولتحقيق هذا الهدف كان لزاما علينا السير في دراستنا وفق خطة بحث اشتملت على مقدمة ومدخل عام وفصلين أساسيين:
 فالمدخل العام تناولت فيه سياق العام للإشكالية، ثم قمنا بصياغة فرضيات الشق الميداني، وضحت فيه أهمية البحث وأهدافه، وتناولت فيه كذلك منهجية وتقنيات البحث،والتعريف كذلك بالمجال المدروس،كما عرضنا فيه للمفاهيم الرئيسية في البحث، كما قمنا بتلخيص لأهم الدراسات التي تناولت الموضوع من زوايا مختلفة..
      أما الفصل الأول تناولت فيه تحولات على مستوى صورة مجال وسكن دوار أسكا ويتكون هذا الفصل من محوريين،خصصت المحور الأول لتحولات المجال العام للسكن،تناول في هذا المحور مستويين:مستوى تنظيم المجال القروي،ومستوى طبيعة السكن، أما المحور الثاني فقد تناولت فيه الثابت والمتحول في السكن،حيث تطرقت فيه إلى مستويات التغير والثبات  في السكن.
       أما الفصل الثاني فقد تطرقت فيه إلى صورة العلاقات والأدوار الاجتماعية،وهذا الفصل يتكون من محورين عامين،تناولت في المحور الأول تحول المجال وتغير العلاقات الأسرية وعلاقة الجوار، أما المحور الثاني فقد خصصت تناولت فيه تمدين الفضاء المنزلي وتغير السلوك اليومي للمرأة القروية.
     لنصل في الختام إلى خلاصة تركيبية، لخصنا فيه أهم الخلاصات التي توصلنا إليها، ثم خلصنا إلى مجموعة من المداخل الممكنة التي تبين لنا ضرورتها بالنسبة للتنمية القروية.
خلاصة الفصل الأول:     
   استحضارا إذن  للبرامج التنموية الأساسية التي عرفتها منطقة أسكا مؤخرا، يمكن أن نفسر واقع الدوار حاليا في مستويين، لأن كل التغيرات التي يمكن معاينتها حاليا من تحول السكن في طبيعته وشكله يمكن ربطها بالبرامج التنموية، والتي كانت من نتائجها المباشرة كما رأينا في مستويين:
        في مستوى مجالي: نجد الانتقال من السكن المتجمع إلى السكن المتشتت المحادي للطريق من جهة، وبالتالي تغير شكل الدوار والسكن  وتغير كذلك مواد بنائه من جهة ثانية، وبالتالي من الشكل الهندسي يمكن قياس الدخل الأسري ومعرفة بنياتها ويتضح ذلك من خلال طبيعة والشكل الخارجي للمنزل بأسكا كما يوضح كذلك أن معظم الأسر حاليا بدوار أسكا تتجه نحول السكن المستقيل  مما يدل على أن الأسر تتجه حاليا نحو النووية.
على مستوى الشكل الداخلي للمسكن القروي هناك تحول على مستوى التصميم كما نجد تغير  وتنوع في التجهيزات المنزلية من أواني تشبيه بتلك الموجودة بالمدن، كما نجد داخل السكن الجديد غرف خاصة تستجيب لمتطلبات العصر مثلا نجد ما يسمى بغرفة التلفاز، غرفة النوم الخاصة بالأبناء والزوجين ومكان خاص بالضيوف ووجود مطبخ عصري يطلق عليه محليا ب"الكوزينة"، عوض "أنوال"  ووجود حمام خاص، بموازة مع ذلك هناك تعايش القديم والجديد أي "تغير داخل منطق الاستمرارية" بمعنى نجد هذا التجاور بين أسماء  قروية مع أسماء جديدة قد سبق ذكرها، أي أن  مستويات الثبات نجدها على مستوى تمثل الساكنة للسكن حيث نجد استمرار بعض الأسماء القروية للسكن وبعض الأماكن رغم تحول السكن من حيث شكله ومواد بنائه  مثلا نجد  "لبيت اوكرن" أي غرفة  مخصصة فقط لتخزين الدقيق مازالت مستمرة في الوقت الراهن.
خلاصة الفصل الثاني:
      نخلص في هدا الفصل إلى القول أن المجتمع القروي الافراني عرف تحولات أساسية في عدة مستويات، على المستوى المجالي وعلى المستوى الاجتماعي، وهذه التحولات أفرزت لنا عدة تغيرات  يمكن إجمالها أساسا في: تغير العلاقات الأسرية الاجتماعية: في هذا المستوى عرفت منطقة أسكا تغيرات أساسية في علاقتها الاجتماعية وخاصة في علاقاتها السرية، بفعل البرامج التنموية المنجزة بالمنطقة أثرت في السكن والمجال مما انعكس على بنيات الأسرة حيث وجدنا أن الأسر الإفرانية تتجه هي بدورها نحو الأسر النووية، وتغير كذلك العلاقات بين الأبناء المتزوجين والآباء وهذا ناتج  لعدة عوامل ومحددات سوسيولوجيا التي أدت إلى ظهور ثقافة العزيل، لكن في مستويات معينة سجلنا ووجود مل يسميه الأستاذ عبد الرحيم العطري ب" تغير بمنطق الاستمرارية" أي هناك ووظائف لم تتغير بعد داخل الأوساط الأسرية، خصوصا أثناء الخطر الخارجي هنا سجلنا مستويات الثبات في التلاحم الاجتماعي الأسري .
تغير العلاقات الجوارية الاجتماعية: كما لاحظنا أن الأسر اليوم تنحو لنفسها طريقا نحو ثقافة الانفرادية، والتدبير الشخصاني لبعض المسائل،وبالتالي اندثار لمبادئ التضامن والتآزر بين جميع شرائح  الاجتماعية بالمنطقة، رجحنا هذه التحولات والتغيرات إلى مسألة أساسية وهي تحول في المجال والسكن الذي عرف بدوره تمدين في فضائه الداخلي، بمعنى الانتقال من السكن المتجمع والممتد  إلى السكن المستقيل والمجهزة بمتطلبات العصر والاتصال مع العالم الخارجي عن طريق ووسائل الاتصال .
تغير السلوك اليومي للمرأة القروية:في هذه النقطة وجدنا أن المرأة القروية الإفرانية نحث لنفسها مسار مغايرا لذلك المسار الذي كانت تؤديه في عدة مجالات بالوسط القروي، فوضعيتها الراهن تدل على وجود نوع من الفراغ اليومي ، أصبحت اليوم تقتحم مجالات متعددة كانت في السابق لايمكن لها أن تتجاوزها، حيث ووجدنا تقتحم السوق الأسبوعي، كما وجدنا أن هناك سوق مخصص للمرأة يتم فيه بيع أنواع من الألبسة العصرية، وهذا ما يدل على انخراط المرأة القروية وخصوصا الفتاه في ثقافة الاستهلاك، ويمكن إرجاع هذه المسألة إلى وسائل الإعلام التي أثرت في ثقافة المحلية وخصوصا في على المرأة التي تقضي وقت كبير جدا في البيت بسب الفراغ اليومي، كما تغير علاقة المرأة مع الصحة.
هكذا يمكن اعتماد مؤشر البرامج التنموية نموذجا تفسيريا لمجموعة من التغيرات التي عرفتها منطقة أسكا خصوصا قي مستوياتها الاجتماعية المجالية، وبالتالي التغير الذي عاشته الأسرة القروية يحتوي على عناصر جددت في النسق الثقافي لكي يستجيب لمتطلبات الواقع.
خلاصة وتركيب:
حاولنا في هذا البحث أن نقف على طبيعة العلاقة بين البرامج التنموية التي عرفتها منطقة افران الأطلس الصغير وبالخصوص دوار أسكا خلال السنوات الأخيرة، وقد تبين لنا أن هذه العلاقة هي علاقة ضرورية، حيث ساهمت تلك البرامج وبشكل كبير في التأثير على المجال والسكن، وإيمانا  بضرورة منهجية تقتضي أن هناك عوامل أخرى مرتبطة بالهجرة و المكانة الاجتماعية لبعض الأسر، لا تعدو أن تمثل سواء جزء  ساهمت وبالتالي كان لابد لها أن تتأثر من جراء التغيرات التي عرفها المجتمع القروي المغربي عامة.
     ومن أهم الخلاصات التي توصلنا إليها في هذا البحث هو أن المجال العام للدوار عرف تغيرات كثيرة أصابت شكله بحيث لاحظنا أن هناك انتقال من سكن متجمع إلى سكن محادي للطرق وبالتالي تغير شكل الدوار  من شكل  متجمع إلى شكل  مستطيل أي محادي للطريق هذا من جهة، وتغير طبيعة السكن من جهة ثانية، حيث لاحظنا  أن السكن في بنياته الداخلية عرف تحولات هامة تمس بالأساس التجهيزات المنزلية العصرية  لكن مقابل ذلك رغم هذه التحولات وجدنا أنها تحولات لم تم بشكل تام أو كلي  حيث تبين لنا كيف أن التحول في غالب الحالات في دوار السكن نجده متجاور مع الثابت على مستوى التمثل الاجتماعي للسكن، أي مازال هناك استمرارية لنسق ثقافي متعلق بالأساس بالسكن القروي رغم التمدين الذي عرفه  المسكن بدوار أسكا.
على مستوى المجال ذلك خصوصا بدوار أسكا لاحظنا في بعض الحالات التجاور بين ما هو قديم وماهو جديد، ما هو قديم  وماهو حديث، في التجهيزات المنزلية العصرية وبين الأواني الفخرية...، كما سجلنا كذلك  معطيات ثابتة على مستوى التمثل والمخيل الاجتماعي حول السكن ووظائفه القديمة،رغم تمديد فضائه الداخلي، يعني  الحضور المزدوج للثابت والمتحول في المسكن القروي عند المجتمع الافراني.
      من الناحية الاجتماعية، يمكن أن نسجل بداية انتقال الأسرة من أسرة ممتدة إلى أسرة نووية وتغير العلاقات بين الأبناء والآباء، وتراجع التعاضد العائلي، كما سجلنا تراجع العلاقات بين الجيران بفعل التحول المجالي حيث لاحظنا أن هناك قطيعة مع الجار القديم، وتراجع تلك الزيارات وتبادل الخبرات والتجارب بين الجيران التي كانت تؤطرها ثقافة "تويزي"  ومبدأ التعاون والتكافل الاجتماعي، لكن في مستويات معينة سجلنا معطيات ثابتة رغم التحول والتغيرات التي طرأت على مستوى البنية الأسرية وظهور السكن المستقيل عن الأسرة الأصلية، هذا الثابت لمسناه على مستوى الخطر الخارجي.
وبشكل عام  فان هذه التحولات، والتغيرات التي مست دوار أسكا لا تنفصل بالمرة عن مجموع التحولات التي عرفها المجال الافراني عموما، لكن ما اشرنا قبلا انه رغم هذه التحولات تغير قاطع مع الماضي، حيث يتم تجاور القديم مع الحديث.
 وبما أن دراسة التغير الاجتماعي ليس فقط لمعرفة مستويات الثبات والتحول،بل هو أيضا مسألة ذات رؤية تنموية  مستقبلية خصوصا في العالم القروي الذي يعيش في انتظارية دائمة.
مع ذلك فمن بين المداخل الممكنة لتنمية الوسط القروي خصوصا في منطقة أسكا في نظرنا متعددة وممكنة،نظرا لغياب أي بديل للفراغ الذي تواجهه المرأة ،حيث أن البرامج التنموية خففت من الأعباء اليومية التي تعاني من المرأة، أرى  ومن خلال ما أدلت به جل المبحوثات ضرورة  خلق مشاريع مدرة للدخل خصوصا المنصبة  بالأساس نحو تثمين المنتوج المحلي حيث أن المنطقة غنية من الناحية الموارد الطبيعة، حيث نجد أشجار اللوز،النخيل، أشجار الزيتون، إلى غيرها..، وهذه المنتوجات المحلية إذا تم تثمينها يمكن أن تخلق دخل قار لبعض الأسر الفقيرة، يمكن كذلك أن تحد من هجرة الشباب إلى المدن الكبرى بحثا عن عمل مأجور، وبهذا يمكن أن نضع إستراتجية بديلة لثقافة الهجرة الداخلية من الوسط القروي إلى الوسط الحضري.
      وجدنا كذلك أن في المنطقة لم يتم تفعيل برامج التنمية البشرية، وفي هذا الإطار ينبغي إعطاء أهمية للسياسات المولدة للمشاريع الصغيرة بالوسط القروي والتي تعتمد على القروض والتسهيلات المالية، تلك في نظرنا هي المداخل الممكنة التي يمكن أن تضمن إمكانية تحقيق تنمية وازنة بمنطقة أسكا وافران خصوصا،حيث سجلنا غياب أي تعاونية  مهتمة بالتنمية الفلاحية.



تقرير حول زيارة دراسية ميدانية لجمعية تاركة "بتارودانت"





تقرير حول زيارة دراسية ميدانية لجمعية تاركة "بتارودانت"

بقلم: سعيد لطفي
اشراف: عبد الرحيم عنبي


 عرف الوسط القروي المغربي مجموعة من التحولات السوسيواقتصادية والبيومجالية ، تحولات أفرزت بدورها مجموعة من التحديات التي أصبحت تعصف وتهدد العالم القروي بالاندثار ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ؛التهميش الإقصاء، الفقر، الجفاف، الفيضانات،مما أدى إلى تنامي ظاهرة الهجرة القروية.
وتعد منطقة "تاركة" دائرة اغرم إقليم تارودانت نموذج عرف منذ نهاية الثمانينات وبداية التسعينات نزوح مكثف للساكنة نحو المدن المجاورة ما ترجم إلى مشاكل من بينها؛تراجع مزاولة النشاط الفلاحي والرعوي الذي أثر سلبا على الأراضي ونظام السقي والعلاقات الاجتماعية التقليدية التي تؤطر تدبير المجال.
من هنا نتساءل ما هي المداخل الممكنة للحد ولو نسبيا مما تعرضت له منطقة "تاركة" ؟ ووفق أية مقاربة؟.
يعتبر العمل الجمعوي من بين المداخل الأساسية للتنمية المحلية، إذ أصبحت الدولة بدورها تراهن عليه من أجل الخروج من التنمية المعطوبة التي يعرفها العالم القروي.
ومن هنا سنحاول استنطاق نموذج يراهن على العمل الجمعوي المتمثل في جمعية "تاركة للتنمية والمحافظة على البيئة"؛ فما هي مجالات تدخل هذه الجمعية؟ وما هي أهم منجزاتها ووفق أية مقاربة تشتغل؟.
قبل التطرق إلى مجالات ومنجزات الجمعية يستدعي منا الأمر تأطيرا منهجيا ألا وهو معرفة وضعية المنطقة قبل تأسيس الجمعية وفي هذا الإطار سنكتفي بالاشتغال بمحورين اثنين :
الأول: التنظيم الاجتماعي والماء.
ثانيا:"تاركة" والفلاحة المحلية.
منطقة "تاركة" قبل تأسيس الجمعية:
التنظيم الاجتماعي والماء:
يعتمد سكان دوار "تاركة" على موارد مائية نادرة جدا بفعل توالي سنوات الجفاف على المنطقة، ومن بينها مياه العيون التي توجد بعيدا عن الدوار وتقدر المسافة الفاصلة بين العين والقرية 1000 متر ويشكل الماء بهذه المنطقة أهم ركائز التنظيم الاجتماعي والمجالي كما يشكل كذلك الهم الأسمى لدى الساكنة.
للمحافظة وتدبير هذا المورد الأساسي لمنطقة "تاركة" نهج سكانها طرق تقليدية لتوزيع مياه السقي الذي يتم حسب نسبة المساهمة في حفر السواقي والتنقيب على المياه.
يتم تقسيمه بواسطة تقنية تقليدية دقيقة تدعى "أسقول" وهي عبارة عن عصا طويلة يبلغ طولها 3متر تقريبا، بواسطتها يتم قياس كمية المياه وتقسيمها للفلاحين حسب الحصص.
يتم كذلك اعتماد تقنية أخرى يصطلح عليها "أزمز" والتي يلعب فيها الظل الدور الأساسي لتحديد توقيت الحصص.
بالإضافة إلى هذه التقنيات يتم تكثيف جهود "أجماعة" لتعبئة العيون وتصريفها نحو الأراضي الزراعية مثلا بناء سدود تحويلية وتقليدية وتنقية السواقي.
النشاط الفلاحي:
نظرا لندرة الموارد المائية، تراهن فلاحة "تاركة" على المناخ وتقلباته، إذ يغلب عليها الطابع البوري وبالتالي يتضح لنا طبيعة ونوعية المزروعات التي هي حسب أحد سكان المنطقة؛ منتوج الشعير، اللوز، الزيتون، شجرة إيك، الخروب والصبار...
يتم تدبير الفلاحة وفق آليات وأساليب تقليدية؛ كالاستغلال الجماعي للأرض وهذا الأخير تتمخض عنه أشكال وأنواع من التضامن والتعاون الاجتماعي منها بالخصوص "التويزة" كمناسبة لإبراز مدى تضامنهم خصوصا في مواسيم؛ الحرث، الجني والحصاد....
بمنطق "التويزة" يتم إصلاح الأراضي الفلاحية التي هي عبارة عن مدرجات للحفاظ على التربة والحد من انجرافها.
لكن توالي سنوات الجفاف على المنطقة أفرز عدة ظواهر لها انعكاسات سلبية على الوسط ومنها بالتحديد الهجرة باعتبارها المؤشر الأساس الذي أثر على المنطقة وسكانها؛ عن طريق تراجع الاهتمام بالأراضي ما أدى إلى إتلاف التربة وتصحرها.
إذن كل ما قدمناه بمثابة صورة لمنطقة "تاركة" ما أفضى إلى ضرورة تأسيس جمعية ذات منطق جمعوي تشاركي .
إذ كيف يمكننا قراءة العمل الجمعوي لجمعية "تاركة لتنمية والمحافظة على البيئة" في علاقتها بالتنمية المحلية الشاملة؟ وكيف يمكن تقييم المنجزات التي تلامس الكثير من المناحي الاجتماعية؟ ووفق أية مقاربة تم ذلك؟ ومنهم الشركاء الفاعلون في هذه المبادرة الجمعوية؟.
كل هذه التساؤلات تمتلك جانبا من المشروعية،بحكم راهنيتها في الإنطراح باعتبارها مدخل أساسي للبحث السوسيولوجي. لكن نتساءل في البدء عما نقصده بالعمل الجمعوي بالتحديد.
إن العمل الجمعوي في تحديداته القانونية والسيكواجتماعية، يعتبر كخطاب يعمل في مجتمع معين بشرط وجود أفراد وجماعات تجتمع من أجل مخطط إنجازي يهدف إلى إحداث تغيرات في القيم والمواقف والعادات والممارسات والتقاليد.
إذن العمل الجمعوي حقل متميز من حقول الممارسة الثقافية والاجتماعية، ومجال للممارسة التربوية، وهو كذلك مجال أو أرضية خصبة تنتعش فيه روح تحمل المسؤولية بشكل جماعي ويتم فيها الدفع بالشباب نحو تحرير وإبراز قدراتهم وطاقاتهم الإبداعية.
نقترح هنا نموذج جمعية "تاركة للتنمية والمحافظة على البيئة"التي جمعت عدة مقاربات وتلبية حاجيات شرائح مجتمعها لربط العلاقة بين العمل الجمعوي والتنمية المحلية وصولا إلى درجة عليا من الفعالية والامتياز.
جمعية تاركة من الحاجة إلى الماء إلى مسلسل المشاريع التنموية:
جمعية "تاركة":
قبل الدخول في أهم منجزات الجمعية وشركائها وأهم المقاربات التي اعتمدتها في بلورة المشاريع. يستدعي منا الأمر ولو منهجيا التعريف بالجمعية وأهم أهدافها:
جمعية"تاركة للتنمية والمحافظة على البيئة" تأسست يوم 21 غشت 2001 بدوار "تيكمي ن تركة" ويكمن الهدف من تأسيسها هو تحسين وضعية السكان والحد من الهجرة القروية، وللوصول لهذه الغاية سطرت الجمعية ثلاثة مبادئ أساسية تشكل الأرضية التي ستعمل عليها الجمعية وهي: الالتزام،التطوع والاشتراك.
منجزات الجمعية:
انطلاقا من الملاحظة المباشرة والمقابلة مع رئيس وأعضاء الجمعية لنا أنها تهتم بشتى شرائح المجتمع انطلاقا من الشباب مرورا بتحسين وضعية المرأة وإشراكها في التنمية المحلية وصولا إلى تلبية حاجيات المسنين.
ما يهمنا بالتحديد في أهم منجزات الجمعية في المنطقة كل ما يتعلق بمجال الفلاحة والماء.
الماء والتنظيم الاجتماعي:
     في هذا الإطار قامت الجمعية بترميم وتجهيز مصادر الماء؛ فبعد أن كان سكان دوار "تيكمي ن تركة" يقومون بجلب الماء من منطقة "تسكويت" البعيدة عن الدوار بما يقارب 1000متر كما أسلفنا الذكر. فبفعل الإمكانيات المتواضعة والمحدودة للجمعية استطاعت في هذا المستوى أن تلبي حاجيات الساكنة؛ وذلك بإنشاء ساقية وسط الدوار وتجهيزها بالمعدات اللازمة والضرورية.
وهكذا تكون الجمعية قد حدّتْ من مجموعة من المشاكل التي تتخبط فيها الساكنة خاصة الأطفال والنساء وذلك في جلب الماء.
ولتحقيق هذا المنجز قامت الجمعية ببناء سد تحويلي بمواد عصرية (الحديد، الإسمنت...) وتبليط السواقي وقنوات الماء؛ للحد ولو نسبيا من إتلاف الكميات الكبيرة من الماء وتبخره.
وبهذا يكون قد حافظت الجمعية على الماء كمورد أساسي للساكنة وبالتالي العودة مجددا لمزاولة النشاط الفلاحي.
أما فيما يخص آليات وتقنيات التدبير المياه فبالرغم مما أنفقته الجمعية في هذا المشروع فالاستفادة منه تكون مجانية وبدون مقابل.
إنعكاسات المشروع على الساكنة:
تحسين وضعية المرأة واستفادتها من وقت الفراغ واستغلاله في مزاولة أنشطة أخرى كمحاربة الأمية والمشاركة في العمل الجمعوي وتربية الأطفال.
ارتفاع معدل التمدرس خاصة لدى الفتيات حيث نجد
أكبر من 50 بالمائة من اللواتي ينقطعن عن الدراسة في وقت مبكر يكون لأسباب جلب المياه.
إنعكاسات إيجابية حول نظافة الجسم والمكان.
الفلاحة:
فبعد إنجاز مشروع الماء ازداد اهتمام الساكنة بالنشاط الفلاحي بتأطير من الجمعية؛ وفي هذا الصدد أنجزت الجمعية مجموعة من المشاريع:
خلق مستنبت في إطار الشراكة مع الجماعة المحلية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية لغرس شجيرات صغيرة وتسويقها.
غرس 50 هكتار من الصبار. 
تحديث عمليات التشجير خاصة شجر اللوز، الزيتون والخروب...

بناء معصرة تقليدية للزيتون.
تأسيس تعاونية "تاركة" لتثمين منتوج الصبار.
تأسيس تعاونية نسوية لتربية الماشية.
إصلاح وترميم المدرجات الفلاحية وتزويدها بالسواقي.
بناء وتجهيز صهريجين لإحداث قطب ومدار سقوي جديد.
فيما يخص نوعية المزروعات نجد:
الأشجار ( اللوز، الزيتون، الخروب، إيك...).
الخضروات (البطاطس، الطماطم، البصل،الفول...).
زراعة الصبار، الشعير، الفصة...
الشركاء:
    الجماعة المحلية.
    جمعية أمودو تارودانت.
    المديرية الإقليمية للفلاحة أكادير.
Association Agrotech AGADIR.
Action d’urgence internationale France.
Lycée Agricole d’Yssingeaux ROMAN.
خاتمـــــــة :
من خلال ما أشرنا إليه من منجزات ومشاريع تنموية، تبقى جمعية "تاركة للتنمية والمحافظة على البيئة" أحد أقطاب النسيج الجمعوي الناجح في الجنوب، فمن منطق ندرة المياه التي كانت الحاجة الأساسية والملحة للساكنة، للدخول في غمار التنمية، عرفت الجمعية نفس طويل من خلا الإقدام على مبادرات التكوين والتواصل،وكذا مشاركتها في ملتقيات محلية.
لنصل أخيرا إلى درس الدرس؛ الذي أوصلتنا إليه هذه التجربة الميدانية الجمعية.

وهو بالضبط الحاجة إلى السوسيولوجيا في زماننا هذا أي نعم ما أحوجنا إلى السوسيولوجيا لفهم وتفسير كل الحالات التي تعتري العمل الجمعوي، والاقتراب أكثر مما يحتمل فيه من ظواهر وقضايا اجتماعية.



مقاربة النوع الاجتماعي في علاقته بالتنمية

      تقربر  عن مقاربة النوع الاجتماعي في علاقته بالتنمية
بقلم: سعيد لطفي
اشراف: ابراهيم لاباري

في البدء:
   كيف نقرأ  مقاربة النوع الاجتماعي في علاقته بالتنمية؟ كيف يمكن ان نؤسس لخطاب النوع الاجتماعي حول التنمية؟ ووفق اي مقاربة يمكن تفعيل التنمية؟
كل هذه التساؤلات تمتلك جانبا من المشروعية بحكم راهينيتها في الانطرح باعتبارها مدخل اساسي لعرضنا، لهذا ننشغل باكتشاف العلاقات الممكنة بين النوع الاجتماعي والتنمية وذلك ان دراسة هذه العلاقات تساهم في توسيع دوائر النقاش العلمي حول مقاربة النوع الاجتماعي ، كما انها تساهم في فتح افاق ومسارات جديدة في اسئلة الاشتغال، ولهذا فان اي دراسة في هذا الباب من شانها ان تقود  نحو اختيار تصورات جديدة للتعاطي مع التنمية في علاقته بالنوع الاجتماعي ومن شانها ايضا ان  تفيد في تجاوز القصور الذي قد تعتري التنمية بالمغرب
لكن لنتساءل في البدء عما نقصده بالنوع الاجتماعي ونتساءل بالتحديد عن السياق التاريخي لظهور مقاربة النوع الاجتماعي على المستوى الدولي وكذا على المستوى الوطني؟ ماهي اسس مقاربة النوع الاجتماعي؟ ماهي الادوات والمفاهيم الاساسية التي تعتمدها مقاربة النوع؟
ربما يكون من الاجدى دوما طرح مثل هذه التساولات لتقريب النوع الاجتماعي، وربما يفرض بقوة على المهتم بالتنمية سواء كان اهتمام علمي او عملي، ان يعيد طرح هذه التساؤلات وعلى اكثر من صعيد من اجل الفهم والتفسير، فالمدخل المحتمل للاشتغال على النوع الاجتماعي في علاقته بالتنمية معرفيا يكون بدءا عبر التحديد المفاهيمي الذي ينبغي ان يكون اجرائيا بالاساس.
ü  تحديد المفاهيم الاساسية :
·      مفهوم النوع الاجتماعي:
يعتبر مفهوم النوع من المفاهيم الجديدة التي برزت بصورة واضحة في الثمانينات من القرن الماضي، وقدم هذا المفهوم بواسطة العلوم الإجتماعية من خلال دراسة الواقع الاجتماعي والسياسي ، كمحاولة لتحليل العلاقات و الأدوار والمعوقات لكل من الرجل والمرأة .
ويقابل مفهوم النوع  مفهوم الجنس . والفرق بين الأثنين أن مفهوم الجنس يرتبط بالمميزات البيولوجية المحددة التي تميز الرجل عن المرأة ، والتي لا يمكن أن تتغير حتى أن تغيرت الثقافات أو تغير الزمان والمكان .
ورغم إن مفهوم النوع هو إشارة للمرأة والرجل إلا أنه أستخدم لدراسة وضع المرأة بشكل خاص أو كمدخل لموضوع ( المرأة في التنمية ) .
أن الدور الذي يقوم به أي من النوعين هو نتاج سلوك مكتسب، وعلي هذا السلوك تتحدد العلاقات و الأدوار التي يقوم بها كل من الذكر والأنثى، ولا شك أن دور كل نوع يتأثر بالبيئة الاجتماعية و الثقافية و الجغرافية والاقتصادية والسياسية.
نعتمد مفهوم الجندر أو النوع الاجتماعي في هذا السياق على اعتباره نسق يحدده المجتمع من تفاعل ادوار وعلاقات بين النساء والرجال النوع الاجتماعي، Sexe social وعلى خلاف الجنسSexe biologique الذي يتم تحديده بناء على الجوانب البيولوجية للإنسان المتضمنة للصفات الفيزيولوجية والتي تفرق ما بين الذكر والأنثى من خلال الكر وموسومات والصفات التشريحية، الإنجابية والهرمونية، فان الجندر يتضمن تلك الصفات الاجتماعية والحضارية المرتبطة بالرجال والنساء في اطار محتوى اجتماعي زمني محدد.
     مفهوم التنمية:
  تنطوي التنمية في أبلغ صورها على "إحداث نوع من التغيير في المجتمع الذي تتوجه إليه، وبالطبع فهذا التغيير من الممكن أن يكون ماديا يسعى إلى رفع المستوى الاقتصادي و التكنولوجي لذات المجتمع ، و قد يكون معنويا يستهدف تغيير اتجاهات الناس و تقاليدهم و ميولهم"[1]، فالأمر يتعلق إذن بعمليات هادفة محدودة في الزمان و المكان تراهن على التغيير الإيجابي طبعا ، إن التنمية في مختلف أشكالها و تصوراتها تستهدف أبعادا مفتوحة على ما هو لوجيستيكي أو ما هو معنوي تقود ختاما نحو تغيير  السياسات و الممارسات و المواقف .
لكن تعريف التنمية يظل مرتبطا دوما بالخلفية العلمية و الاستراتيجيات النظرية ، فعلماء الاقتصاد مثلا يعرفونها بأنها الزيادة السريعة في مستوى الإنتاج الاقتصادي عبر الرفع من مؤشرات الناتج الداخلي الخام ، في حين يلح علماء الاجتماع على أنها تغيير اجتماعي يستهدف الممارسات و المواقف بشكل أساس ، و هذا ما يسير على دربه المتخصصون في التربية السكانية . إنه لا يوجد تعريف موحد للتنمية ، إنها ترتبط بالتصنيع في كثير من الدول ، و ترمز إلى تحقيق الاستقلال في أخرى ، بل يذهب الساسة مثلا وصفها بعملية تمدين تتضمن إقامة المؤسسات الاجتماعية و السياسية ، بينما يميل آل الاقتصاد إلى معادلة التنمية بالنمو الاقتصادي[2]، و هذا الاختلاف الذي يبصم مفهوم التنمية هو الذي سيدفع بعدئذ إلى عمليه استدماج مفاهيمي تلح على أن التنمية هي كل متداخل و منسجم ، و أنه تكون ناجعة و فعالة عندما تتوجه في تعاطيها مع الأسئلة المجتمعية إلى كل الفعاليات المعبرة عن الإنسان و المجتمع، عبر مختلف النواحي الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية و الثقافية والبيئية… ذلك أن الاقتصار على البعد الاقتصادي في تعريف التنمية يظل قاصرا عن تقديم التعريف  المحتمل للتنمية، و لهذا فالتنمية لن تكون غير تحسين لشروط الحياة  بتغييرها في الاتجاه الذي يكرس الرفاه المجتمعي .
ü   السياق التاريخي لظهور مقاربة النوع:
      مقاربة النوع الاجتماعي،جاءت كنتيجة للنضالات التي خاضتها الحركات النسوية منذ القرن التاسع عشر، وتراكم حقل معرفي لدراسات وكتابات فكرية وفلسفية حول وضع ومكانة وادوار المرأة في المجتمع.
ويمكن تتبع هذه الإرهاصات الأولى وتطور الخطاب حول النوع من خلال مستويين:    
1-   على المستوى الدولي:
1.1        الحركات النسوية:
   برز مصطلح النسوية سنة 1895 كتعبير عن تيار ثقافي واجتماعي جديد في أوربا (في فرنسا بشكل خاض يعمل من اجل تحقيق حقوق الحرية والمساواة للمرأة).
مثلا:Annmaria Mozzoni  مفكرة ايطالية من أبراز الداعيات إلى تحرر  النساء عبر العمل والمشاركة السياسية.
أ‌-               تميزت هذه الموجة الأولى من الحركة النسوية بكونها حركة اجتماعية وسياسية أي لم تكن ذات مضمون فكري أو ثقافي بالرغم من توفر بعض الأعمال المهمة في هذا الإطار، ككتاب John Stuart Mill الذي أصدره سنه 1869 بعنوان "خضوع النساء ‘’de l’assujettissement des femmes ‘’1869. الذي أكد فيه " انه لا وجود لعبد بلغت عبوديته أشدها أكثر من المرأة" كما دافع عن حقوق متساوية بين الجنسين.
كما تميزت هذه الموجة الأولى من الفكر النسوي  بطمس الخصائص الأنثوية المميزة في مقابل تبني النموذج الذكوري كنموذج حصاري للإنسان (محاكاة الرجال في الملبس وغيره).
ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى وخلو المعامل من الرجال من اجل الحرب خرجت النساء إلى العمل، وابتداء من 1920 حققت الحركة النسوية في أوربا العديد من أهدافها الاجتماعية والسياسية خصوصا الحق في المواطنة (في أوربا الحديثة فان النساء لم يملكن حقوق المواطنة كحق التصويت إلا في سنة 1928 في بريطانيا و1944 في فرنسا، و1945 في ايطاليا).
وبفعل عوامل المثاقفة، امتدت أثار الفكر النسوي إلى العالم العربي، وتميز هذا الأخير بكون بعض المثقفين من الرجال العرب هم من رفعوا شعارات النضال النسوي، وذلك لسببين:
-                  النساء العربيات في هذه الحقبة من التاريخ كن سجينات المجتمع التقليدي الوصاية والأمية... باستثناء هدى الشعرواي في مصر ونصيرة زين الدين في لبنان.
-                  قضية المرأة كانت تندرج ضمن إشكالية الإصلاح التي شغلت بال المفكرين والمتنورين لرواد فكر النهضة، الذين وضعوا موضوع أمثال رفاعة الطهطاوي، قسم أمين، هدى الشعراوي، نظيرة زين الدين في المشرق، وفي المغرب العربي مصطفى كمال، علال الفاسي والطاهر الحداد.
ب - في المقابل تميزت الموجة الثانية من الفكر النسوي بنضجها الفكري والمعرفي إذ تجاوزت المطالبة بالمساواة مع الرجال والاقتداء بالنموذج الذكوري إلى مرحلة البحث عن إطار نظري أعمق واشمل يكون حاملا لإيديولوجيتها، وهو ما تحقق مع كتاب سيون دوبوفوار " الجنس الثاني" الصادر سنة 1949، فلقد شكل هذا الكتاب وفلسفته المبنية على أساس "المرأة لاتولد امرأة بل تصبح امرأة" مشكلا مرجعا ذا راهنية مستمرة،حيث أمد الفكر النسوي بأدوات منهجية وتحليلية فكرية كانت في حاجة إليها من اجل الحجاج والمطالبة بالحقوق، إلى حد اتحاد الموقف الراديكالي الذي عرفته الحركة في الستينيات ثورة طلاب فرنسا ماي 1968، حيث تجسد تأثير كتاب دوبوفوار على الطالبات والنساء، خصوصا في مسالة الخصوبة ووسائل منع الحمل، فراحت النساء في هذه الفترة ترددن، تأثرا بدوفوار دائما: 
  « Un enfant quand je veux ,si  je veux »وباختصار، فان الموجة الثانية من الحركة النسوية تميزت بكونها اعادة اكتشاف الذات الانثوية بعيدا عن محاكاة الرجل، اي الليبرالية الانثوية، والتحرر من النموذج الحضاري للانسان/الرجل (خاصة بامريكا).
ج- اما المرحلة الثالثة من الفكر النسوي فتميزت بكونها فلسفة نقدية لما بعد الحداثة تحمل قيم العدل والمساواة وتكافؤ الفرص والمحافظة على البيئة وتحرير الشعوب، تميزت كذلك ببروز واضح لخبرات المراة وامكانياتها العلمية والمعرفية والثقافية وهي نهاية مرحلة يلخصها بيير بورديو في كتابه 1998  la domination masculine: " ان التغير الاكبر الذي حدث هو ان الهيمنة الذكورية لم تعد بالأمر البديهي المفروغ منه ولاشك ان ذلك راجع الى العمل النقدي الكبير للحركة النسائية".
2.1 على مستوى الخطابات الرسمية الدولية:
أدى النضال النسوي في أوربا وأمريكا إلى دخول الخطاب حول المرأة والمساواة في الخطابات والمحافل الدولية: ( فمثلا أدت مظاهرة اللجنة الوطنية للمرأة التابعة للحزب الاشتراكي الأمريكي فبراير سنة 1909 إلى إقرار يوم 8 مارس من كل سنة كيوم المرأة، الشيء الذي تبنته نساء أوربا منذ 1910 بمناسبة انعقاد المؤتمر الدولي الثاني للنساء الاشتراكيات في كوبنهاكن ثم سيتم تدويل هذه المناسبة فيما بعد كمناسبة للدعوة إلى تحسين أوضاع المرأة. )
-                  الإقرار بمبدأ المساواة بين الرجال والنساء في ميثاق الأمم المتحدة 1945 وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948، واتفاقية المساواة في الأجور 1951، وميثاق الحقوق السياسية للمرأة 1952.
-                  اعتبار سنة 1975 سنة دولية للمرأة وأعقب ذلك إعلان العشرية 1971-1981 " عقدا دوليا للمرأة" الذي تبنى العناوين الرئيسية التالية:المساواة، التنمية، السلام إلى جانب مواضيع أخرى مثل الصحة، التعليم والعمل.
وفي خضم هذا العقد، وبالضبط سنة 1975 صدرت بكوبنهاكن اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة المعرفة اختصار ب: CEDAW وهي جامعة- أي الاتفاقية- لكل حقوق المرأة.
حيث دعت في بندها الأول إلى: "نزع أي تفرقة أو إقصاء أو تقيد ليتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه إعاقة أو إحباط الاعتراف للمرأة وبحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان أخر، أو إعاقة أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو مماستها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل".
وفي سنة 1995، وخلال انعقاد مؤتمر بكين في شتنبر1995، من طرف FNUAP  سيتم الحديث عن مقاربة النوع، وتعريفه حيث اعلنت الامينة العامة للمؤتمر في خطابها التوجيهي عن تحول جدري في مقاربات الحركة النسائية من خلال قولها: "...فلم نعد نؤكد على المشاكل التي تعاني منها المرأة، بل اصبحنا ننظر للمشاكل الدولية من زاوية خصوصيات الجنس اي النوع، وعليه يجب ان ينصب اهتمامنا على الكيفية التي تجعل المشاكل الدولية تطال النساء، وكيف يكون باستطاعتهن المساهمة في حل تلك المشكل".
وهكذا جاءت مقاربة النوع لسد فراغات وثغرات وسياسات دولية مقاربات سابقة اهمها:
-         Les femmes dans le développement                       
-     Femmes et développment   
-         Genre et développement                                 
2-                    في المغرب:
يجمع كل من عبد الصمد الديالمي في مقاله Famille, femme et sexualité au maroc :1912-1996.
وعائشة بلعربي Le mouvement associatif feminin
وهما مقالان مدرجان بمجلة prologues/عدد9/ ماي 1997
يتفقان على ان النضال والخطاب حول المراة ابتداء منذ عهد الحماية في المغرب مع الحركة الوطنية من اجل الاستقلال والتاثر الكبير بايديولوجية حركة النهضة بالدول العربية الداعية الى تعليم المراة واشراكها في الشان العام.
على ان فترة الاستقلال لم تسمح بوجود تنظيم نسائي مستقل ومنظم نظرا لوجود مشاكل سيلسية واقتصادية كان المغرب لم يحسم معها بعد.
الا انه ومنذ الثمانينات، نضج الخطاب النسوي ليتجه نحو النوع بالمغرب وتمحور حول المطالب التالية:
-     المساواة بين الجنسين.
-     مراجعة المدونة Code et statut personnel
-     اشراك المراة في الحقل السياسي.
-     تطبيق المواثيق والاتفاقيات الدولية بدون تحفظ(CEDAW)
-     اشراك المراة في التنمية، هنا برزت مقاربة النوع من اجل تدارك فشل سياسات السابقة حول المراة والتنمية.
ومن اهم الكتابات حول النوع بالمغرب:
* خلود السباعي: الجسد الانثوي وهوية الجندر
* زينب معادي: الجسد الانثوي وحلم التنمية
 بالاضافة الى كتابات ومقالات سوسيلوجية لكل من فاطمة المرنيسي، غيثة بالخياط، عائشة بلعربي، نعيمة الشيخاوي...
ü          مقاربة النوع والتنمية:
1-        ماهي اسس مقاربة النوع الاجتماعي؟
 تقوم مقاربة النوع الاجتماعي على فرضية مؤداها في كل مجتمع تكون المزايا والمصالح غير موزعة بالتساوي، بمعنى ان الموارد والمنافع التي تقدمها مشاريع التنمية تعود عادة بالنفع على الرجال اكثر من النساء، كما تتاثر بمتغيرات اجتماعية اخرى من قبيل الدين، والطبقة الاجتماعية والعرق والفئة الاثنية... وغيرها.
وفي هذا السياق، يحدد الاستاذ ابراهيم لاباري مجموعة من الاسس النظرية والمنهجية في الاشتغال وفق مقاربة النوع الاجتماعي:
1-         تفكيك ماهو مبني ثقافيا وليس  الاكتفاء  بوصفه في اطار مقاربة النوع الاجتماعي [3]
2-          مقاربة النوع الاجتماعي لاتكتمل مفاهيهيا اذا لم تتطرق الى ضرورة المساواة بين الجنسين.
3-          بعد التفكيك والفهم تقوم باعادة بناء ماهو اجتماعي على اسس المساواة والانصاف ( اي التمييز الايجابي) Reconstruction.
4-         ننطلق في الاشتغال على النوع الاجتماعي من معرفة الموقع الاجتماعي للرجال والنساء،داخل النظم والبنيات الاجتماعية...
وعليه يحدد ابراهيم لاباري خصائص مقاربة النوع الاجتماعي في ما يلي:
-     التفكيك( تفكيك الاختلاف والتمييز بين المراة والرجل)[4]
-     هدم هذا البناء الاجتماعي للاختلاف والتمييز بين النساء والرجال.
-     تحليل كيفي للاوضاع والسياقات الاجتماعية.
-     تحليل مقارن بهدف الفهم واعادة بناء العلاقات بين الرجال والنساء على اساس المساواة والانصاف.
-     في اطار نظام اجتماعي شامل وجديد، وهذا يعني الاشتغال وفق مفهوم " جندري" يعتمد بمبداين اساسين: الهدم Déconstruire  واعادة البناء Reconstruire ويمكن تحديد مراحل واوجه هذا المفهوم في النقط التالية:
-         Désacraliser
-         Historiser
-         Constextualiser

     وعيله، فان تطبيق مقاربة النوع في السياسات الاجتماعية وفي اليساسات التنموية بشكل خاص، من شانه ان يترجم عمليا في الحد من اللامساواة بين الجنسين عن طريق اشراك المعنيين في برامج التنمية، رجالا ونساءا، وفي جميع مراحلها: التخطيط، التنفيذ، والتقويم، وخصوصا في اقتسام الموارد والمنافع، وعلى هذا النحو، يتحول مفهوم النوع تدريجيا من اداة للتحليل الى اداة معيارية، يعني عن طريقها يمكن قياس مدى نجاعة المشاريع التنموية واهدافها ومدخلاتها ومخرجاتها في تحقيق النفع لكل من الفئات الاجتماعية خاصة رجل/امراة اي مراقبة مدى تحقيق العدالة الاجتماعية في تقاسم المنافع.
2    ماهي الادوات والمفاهيم الاساسية التي تعتمدها مقاربة النوع؟
1-      تقسيم العمل وفقا النوع الاجتماعي
وهو ما نطلق عليه عادة اسم التقسيم الجنسي للعمل، او بالاحرى تقسيم العمل طبقا للنوع الاجتماعي، اي ادوار الجنسين المؤسسة اجتماعيا والمهم هنا هو ملاحظة انواع العمل التي يقوم بها الرجال والنساء كل على حدا والتعرف على كمية الوقت الذي يقضيه كل من الرجال والنساء عند قيامهم بهذا العمل او ذاك.
2-     ادوار النوع الاجتماعي:
لتمييز هذه الادوار ،قامت كارولين موزر سنة 1985 بتصنيف الادوار التي يقوم بها الرجال والنساء في ثلاثة انماط وهي:
·       ادوار الانتلج:الاعمال الماجورة للنساء والرجال (فلاحة...)
·       ادوار اعادة الانتاج:ويقوم على رعاية قوة العمل الحالية( الزوج والابناء العاملين) او قوة العمل المستقبلية هذا الدور لايعتبر عملا حقيقيا غير ماجور وغير معترف به مثلا: ( جلب الماء، رعاية الابناء ، جلب الحطب...)
·       ادوار خدمة الجماعة: تطوعي وغير ماجور، الرعاية الصحية مثلا...
3-     الولوج الى الموارد والتمكن منها
مثلا اراضي الجموع تشتغل فيها النساء دون ان يمتلكنها، حيث يظل ارثها حكرا على الابناء الذكور، وتقتصر الاستفادة من غلالها فقط.
هناك نموذج اخر، فمثلا تحصل المراة على مال عن طريق قرض لتمويل مشروع صغير تقوم به، لكنها لاتستفيد من مردوديته،بل الزوج.
4-     العوامل المؤثرة  Facteurs D’influence
وهي العوامل التي تؤتر في العناصر السابقة التي اشرنا اليها( الادوار، التمكن من الموراد..) من قبيل النظام السياسيي، الاعراف الثقافية، نظام التعليم، القوانين القائمة، الظروف التاريخية و الاقتصادية، الدين ، العرق واللون، الاعلام... مثلا: في كتاب زينب معادي: الجسد الانثوي وحلم التنمية، تبين كيف ان العوامل الثقافية والعادات المرتبطة بالجسد تؤثر سلبا على مشاريع تنمية المراة القروية.
5-     الحالة والوضعية Conditions et situation
مستوى تحليلي لكيفية عيش النساء ووضعيتهن في جماعتهن التي ينتمين اليها،مثلا: احصائيات حول معدل الامية داخل صفوف النساء،نسب استهلاك الاراضي، نسبة العمل...
6-     الحاجات العملية والحاجات الاستراتيجية:
Besoins pratiques et besoins stratéqiques
·       الحاجات العملية: غداء سكن صحة، تعليم..
·       الحاجات الاستراتيجية: لاتتحقق الا على المدى البعيد، تتعلق بنقص الموارد وغياب التعليم ، العنف.
7-     امكانيات التغير les possibilités de transformation
وتعني تيسير التحول وجعله تحولا سلسا، يتضمن التحول المواقف، العقليات، التمثلات الاجتماعية، وكذا الاوضاع والمواقف بكل من الرجال والنساء.
       خاتـمة:
 تهدف مقاربة النوع تحقيق تحوا اجتماعي مبنى على اساس المساواة والعدالة الاجتماعية، ويقتضي ذلك، اشراك جميع المعنيين رجالا ونساءا في سيرورة التنمية بمفهومها الحديث،
  اي جعل الصحة والتعليم والمشاركة الاقتصادية والسياسية وغيرها من محاور للتنمية الاساسية متاحة للمراة والرجل على حد سواء بحيث يتم تمكين جيمع افراد المجتمع في المساهمة في تنمية مجتمعهم بما يعظم من استثمار الموراد البشرية المتاحة، ومراعاة احتياجات مختلف فئات المجتمع في الخطط وبالتالي تفهم افضل للادوار التييؤديها الرجال والنساء ومن تم ردم الهوة بين مختلف الفئات والطبقات وتحقيق العدالة الاجتماعية.
المراجع 

[1]  شاكر إبراهيم ، الإعلام و التنمية ، نفس المرجع السابق .ص.133.
[2] فريديريك هاريسون، الموارد البشرية و التنمية ، ترجمة سعيد عبد العزيز ، معهد التخطيط القومي ، القاهرة ، 1984.ص.68.
[3]  ابراهيم لاباري: محاضرات  السداسي السادس،مسلك علم الاجتماع،مجزوءة النوع الاجتماعي، كلية الاداب والعلوم الانسانية،جامعة ابن زهر، اكادير،2011
[4]  الوافي العربي:مقاربة النوع والتنمية المعرفة للجميع العدد 35.
      5  بيير بورديو : الهيمنة الذكورية.

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More